الإعجاز اللغوي في سورة «مريم» دراسة في جماليات التعبير والتراكيب الفريدة

محتوى المقالة الرئيسي

م.م رشا طالب كاظم الجبوري

الملخص

تُعدّ سورة (مريم) من المواضع القرآنية التي تتجسّد فيها أعظم صور الانفعال اللغوي والتكثيف البلاغي، حيث تتناغم التراكيب مع البنية الصوتية، وتتضافر الإيقاعات الحرفية مع نسق السرد لتشكّل وحدة تعبيريّة متماسكة، تحتضن داخلها نسيجًا من الانفعالات الإنسانية والحالات الوجدانية الحادة، لتغدو الكلمة القرآنية هنا غير مقيّدة بوظيفتها المعجمية أو الإبلاغية فحسب، بل متحوّلة إلى طاقة بلاغية سمعية ـ بصرية تنحت المشهد وتُحرّك الإدراك. جاءت هذه الدراسة للكشف عن مواطن الإعجاز اللغوي في سورة (مريم) من خلال فحص دقيق لبنيتها الصوتية والتعبيرية، وتحليل أنماط التراكيب النادرة، والوقوف عند خصائص الانتقالات الزمانية، وتقنيات التوتر البلاغي، بما يفتح أفقًا جديدًا في فهم بلاغة النص القرآني كجهاز لغوي ـ دلالي يفيض بالحياة. انطلقت المسألة من ملاحظة علمية مفادها أنّ غالب الدراسات البلاغية التقليدية توقّفت عند مستوى الإعجاز البياني والإيقاعي العام دون تفكيك لمكوّنات الانفعال داخل (الكلمة القرآنية)، كما أنها كثيرًا ما تعاملت مع النص القرآني بصفته نصًا مكتفياً بذاته لغويًا، دون استكشاف أبعاده الشعورية الدقيقة ومناخه السردي المركّب. ومن هنا، فإن هذه الدراسة تحاول أن تُعيد ترتيب النظر إلى الإعجاز، لا من خلال الجملة الجاهزة بل عبر (انفعال الكلمة) وحضورها العاطفي ـ الزماني ـ الصوتي داخل البناء النصي. يهدف البحث إلى تقويض التصورات النمطية التي تجعل البلاغة القرآنية محصورة في الطباق والجناس والمقابلة، ويدعو بدلًا من ذلك إلى الكشف عن التفاعلات الانفعالية المركّبة بين الكلمة ومعناها، بين النغمة والحدث، بين الزمان السردي والانفعال الإنساني. وقد استُخدم في هذه الدراسة المنهج البلاغي ـ التحليلي، المتكئ على قراءة نقدية تطبيقية تربط بين الشكل اللغوي والمحتوى الشعوري، مع استعانة جزئية بالمقارنة الجمالية بين النص القرآني ونماذج شعرية ونثرية عربية كلاسيكية وحديثة. توصلت الدراسة إلى عدد من النتائج، أبرزها: أنّ الكلمة القرآنية في سورة (مريم) تمتلك بُعدًا انفعاليًا داخليًا لا ينفصل عن بنيتها الصوتية، مما يجعلها وحدة بلاغية نابضة، تتجاوز كل التحديدات المعجمية البسيطة؛ أن السورة توظّف الرؤية السمعية بوصفها أداة توتير بلاغي، عبر إيقاعات الحروف وتكرار الأصوات ذات الطابع الشعوري مثل (ن، ي، هـ، أ)، ممّا يُحدث أثرًا سمعيًا يكثف من حضور الحدث؛ أن الانتقال الزماني في السرد القرآني لا يقوم على تسلسل منطقي محض، بل يعتمد على الانفعال الحدثي والتقطيع الشعوري، مما يضفي على النص طابعًا تصويريًا أقرب إلى المسرح الداخلي؛ أن المقارنة مع نصوص عربية شعرية ونثرية أثبتت تفوّق سورة (مريم) في قدرتها على خلق (دراما لغوية داخلية) تُستشعر من خلال تغير النبرة وتحوّلات الصيغة داخل الجملة الواحدة؛ أن مفهوم (انفعال الكلمة) المقترح في هذه الدراسة يمثل مدخلًا بلاغيًا جديدًا لفهم الإعجاز القرآني، حيث تتعامل الدراسة مع الكلمة القرآنية ككائن حي ينمو ويتقلّب ويؤثّر، لا كمجرد دالّ لغوي.

تفاصيل المقالة

كيفية الاقتباس
الجبوري م. ر. ط. ك. . (2025). الإعجاز اللغوي في سورة «مريم» دراسة في جماليات التعبير والتراكيب الفريدة. مجلة الشرق الأوسط للعلوم الإنسانية والثقافية, 5(2), 128–113. https://doi.org/10.56961/mejhss.v5i2.910
القسم
المقالات