الرمل العالي – قرية في مدينة

الملخص

ينطلق هذا البحث من سؤال إشكالي رئيس مفاده: كيف تتجلى آليات التثاقف وإعادة إنتاج الهوية الاجتماعية لدى الجماعات الريفية الوافدة إلى حيّ الرمل العالي في ضواحي بيروت؟ ويسعى إلى تحليل مظاهر التعايش والصراع بين الريف والمدينة في إطار ديناميات النزوح، من خلال توظيف أدوات الأنثروبولوجيا الاجتماعية ونظرية التفاعل الرمزي، تُظهر الدراسة كيف تمكن الوافدون من إعادة إنتاج أنماطهم الاجتماعية والثقافية داخل بيئة جديدة، فأسسوا مجتمعًا هجينًا يجمع بين خصائص القرية وأبعاد المدينة. وقد تناولت فصول الدراسة مراحل تطور الحي، بدءًا من تأسيسه العشوائي، مرورًا بمرحلة الاستقرار المؤسسي والاجتماعي، وصولًا إلى التبادل الثقافي العميق بين الوافدين والبيئة الحضرية. حلّلت الدراسة تطور العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، بما في ذلك بناء المؤسسات الدينية والاجتماعية، وظهور شبكات التضامن المحلية، وتحولات الأسرة والزي والمطبخ واللهجة، فضلاً عن تأثير الأجيال المختلفة في تغيير الهوية والانتماء، وتخلص الدراسة إلى أنّ الرمل العالي يمثّل مختبرًا حيًا لفهم عملية التثاقف والاندماج الجزئي في السياق اللبناني. ورغم أن الحي ظل يعاني من التهميش التنموي، إلا أنه قدّم نموذجًا لتعايش فريد بين الريف والمدينة، حيث تمكن السكان من الحفاظ على هويتهم الأصلية بالتوازي مع تبني معالم الحياة الحضرية.